الماضي لا يعود
كنت كعادتي عندما أشتاق اليها جالسا وحدي
في ذاك المكان الأثير على شاطىء النهر الخالد ذاك
المكان الذي تشهد كل ذرة فيه على ذكرى أيام ولت
وأحلام لم يكتب لها عمر مديد
هنا كنت أناجيها بأحلى ما تعلمته من كلمات
ودوما كانت كلماتي أقل مما يحويه قلبي من مشاعر
وهناك كنت أعاتبها وهدفي أن أسمع منها كلمة حانية لطالما
كانت تبخل بها وفي تلك الناحية كانت تعاتبني على
خطأ أنا أبعد ما أكون عن ارتكابه وهدفها سماع كلمات مني لم
تكن تخرج الا عندما أحاول ارضاءها
أعترف أني أبدا ما نسيتها وأني لم أجرؤ على استيعاب
حقيقة أنها ما عادت ملكي لكن قلبي ملكي وذكرياتي ملكي
وأيامي ملكي أعيشها كما أردت حتى لو كانت ارادتي هي ايقاف
الزمن قبل اللحظة التي ...........................؟ للآن لا أستطيع نطقها و كأنها كلمة لا تكتب فقط أشعر بها توقف سيل الذكريات بداخلي
والتفت الى ذلك الصوت جانبي )حمد الله ع السلامة يا ابني( عرفته على الفور عندما ناداني بابنه نظرت اليه كان كهلا يعرفه كل مرتادي المكان وكان الجميع أبناؤه أو هكذا كان يعتبرهم أظنه ولد كهلا كما
هو الآن فمنذ عرفته من سنين وتلك هي صورته يبتسم ابتسامة يظن الناظر اليها أنها تقطر دمعا
وفي وجهه تجاعيد ترتسم وكأنها خطوط لو أحسنت قراءتها
لوجدت فيها أسماء كل من مروا بهذا المكان
أجبته (الله يسلمك)ثم أشحت بوجهي في رجاء منه
أن يتركني لذكرياتي ووحدتي
قبل أن يمضي قال(تعيش وتفتكر)
نظرت اليه في دهشة لا تخلو من الحزن وكأنما قرأ في عيناي قولي له
(لكنها لم تمت)
واصل حديثه دون أن أنطق بكلمة (هدم الطريق يعني نهاية الرحلة وانعدام الوسيلة يعني موت الغاية لا زالت أمامك رحلات أخرى ومواضع أقدام لن يخطوها غيرك وغايات أخرى تنتظر عزيمتك)
أجبته بايماءة من رأسي وفي عقلي تحلق كلماته
ثم مضى ليواصل باقي واجباته تجاه من يناديهم أبناؤه من مرتادي ذاك المكان ولدهشتي لم تعد ذكرياتي لسابق تدفقها
ووجدتني رغما عني أنهض وأجذب خاتما من اصبعي ما كنت أظنني يوما أخلعه ابتسمت للنيل العظيم وألقيته ليستقر في أعماقه ربما بجوار العشرات من الخواتم الأخرى وأظنني رأيت على صفحة الماء رسما لابتسامة رضا وكأن النيل ارتضى ما فعلته
سرت وفي داخلي عزم ألا أعود وألا أذكر من لا يستحق عناء الذكرى
وألا أعيش في وهم عودة الماضي
فالماضي وكما تأكدت أبدا أبدا لايعود
تقبلوا تحياتي