جرح ليس يبرأ
وقفتُ على الديار أريدُ صحبي = فلم أسمع لصوتهمُ نعيبا
حسبتُ الدّهر يبقيهم بقربي = فيحملُ أنسهم مني الكروبا
صرختُ بكيتُ يا زمني أجبني = علامي لا أرى خلاً حبيباً ؟
وأين الدار تجمعنا بحبٍّ = وكيف يكونُ مجلسنا كئيبا
وهل عيناي حقاً لا تراهُم ؟ = وضيَّعت الخُطى منّي الدروبا ؟
أحقاً كلهم غابوا ؟ ومالي = أرى لشروق شمسهم غروبا ؟
أتحسبهم يعودوا عن قريبٍ = ليمحوا عن ملامحيَ الشحوبا ؟
ويثمرُ روضنا حبّاً وأُنساً = ولا أحيا بذكراهُم غريبا
أجبني يا زمان ولا تقل لي : = رفاقك أصبحوا شيئاً عجيبا
وإن القوم باعوني لحزنٍ = يعيش معي شمالاً أو جنوبا
أجبني يا زمان ولا تقل لي : = جراحُك سوف تعلنها حروبا
وإن الصحب خانوا عهد حبٍّ = وإني لم أعُد منهم قريبا
سكوتكَ يا زمانُ يُذيبُ قلبي = ويُشعِلُ في جوانبِهِ اللهيبا
لماذا لا تجيب على سؤالي = أتنوي مثل أصحابي المغيبا ؟
فقال مقولةً أعيت فؤادي = وصار الصوت في حلقي دبيبا
رفاقك إن هُمُ باعوك يوما = فلا تحزن ولا تُطل النحيبا
صفاء النفس مدفونٌ بأرضٍ = وصوت الحبِّ لم يلقَ المجيبا
هُمُ الإخوانُ جرحٌ ليس يبرا = ورُبَّ أخٍ تراهُ احتال ذيبا !
قلوب الناس أمواجٌ تهادى = وقلبك زورق عشق الهروبا
فلا تعجب لما تلقى فهذي = سمات الصحب شُباناً وشيبا
نظرتُ إلى السماء وقلتُ حسبي = من الإخوان ذكرى لن تغيبا
فقل للقوم يا زمني بأني = ـ وإن غدروا ـ سأحتمل الخطوبا
فما ضاق الدُّنا يوماً بقومٍ = إذا كان الوفاءُ لهم ربيبا
إذا رفضت قلوب الناس قلبي = فقلبي نبضه يسع القلوبا